القراءة
قصيدة واحرّ قلباهُ
البيت الأول:
وا حرَّ قلباهُ ممّن قَلبُهُ شَبِمُ ومَن بجسمي وحالي عِندهُ سَقَمُ
واحرّ (ندبة) يقول: واحرّ قلبي واحتراقه، بمن قلبه عنّي بارد لا اعتناء له بي، ولا إقبال له عليّ، فقلبي حارّ من حبّه، وقلبهُ باردٌ من حبّي، وأنا عندهُ معتلّ الجسم.
البيت الثاني:
ما لي أكتمُ حُبّاً قد برى جَسَدي وتدّعي حُبَّ سيفِ الدولةِ الأممُ
يقول: حبّي لسيف الدولة قد أنحلَ جسمي وأنا كاتمٌ له، لأتجنّب التملق بحبه، وغيري يتملقون إليه بحبّهم، ويتكلفونه.
البيت الثالث:
إن كان يجمعنا حُبٌّ لغرّتِهِ فليتَ أنّا يِقَدرِ الحُبِّ نقتسمُ
إن كانَ يجمعنا حبّه ومودتهُ، فليتَ أن نقتسمَ المنازل عندهُ بقدر ما نحنُ عليه من محبتنا الخالصة، وما نعتقده من مودتنا الصادقة، يُبخس المخلص حقّهُ، ولا يُبذلُ للمتصنّع برّه. أي: إن كان سجمعنا من آفاق البلاد المتباعدة حبّ لسيف الدولة، فليتَ أنّا نقتسمُ برّهُ وعطاياهُ كما نقتسمُ حبّه، وعلى قدرِ حبنا له تكون عطاياهُ.
البيت الرابع:
يا أعدلَ الناسِ إلا في معاملتي فيكَ الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحكمُ
يقول لسيف الدولة: أنت أعدل الناس إلا إذا عاملتني فإن عدلك لا يشملني، وفيك خصامي وأنت خصمي وحكمي، لأنك ملك لا أحاكمك إلى غيرك، فأنا أخاصمك إلى نفسك.
البيت الخامس:
أعيذها نظراتٍ مِنكَ صادقةً أن تحسبَ الشحمَ فيمن شحمُهُ وّرّمُ
أعيذُ نظراتك الصادقة أن ترى الشيء بخلاف ما هو عليه، وأن تحسب الورم شحماً، فتكون كمن يحسب السقم صحّة، والورم سمناً قوة.
البيت السادس:
وما انتفاعُ أخي الدنيا بِناظِرِهِ إذا استوت عِندهُ الأنوارُ والظلمُ
إذا لم يميّز الإنسان البصير بين النور والظلمة، فأيّ نفعٍ له في بصره، أي يجب أن تميز بيني وبين غيري ممّن لم يبلغ درجتي بما تميّز بين النور والظلمة.
البيت السابع:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من بِهِ صممُ
إنّ الأعمى أبصرَ أدبي، وكذلك الأصمّ سمعَ شعري، يعني: أن شعره سار في آفاق البلاد واشتهر حتى تحقق عند الأعمى والأصم أدبه. وكأنه يريد أن يقول لسيف الدولة: أنا الذي ينظر الأعمى إلى أدبي، أفلا ينظر إليه وأنت مبصر؟ وأسمعت كلماتي الأصمّ، وأنتَ سميع، أفلا تفهم ما أقول؟
البيت الثامن:
أنامُ ملءَ جفوني عن شواردها ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ
أنامُ ملءَ جفوني؛ أي مطمئناً مرتاح الفكر عن قصائد الشعر لأني أدركها متى شئت بسهولةٍ من غير إتعاب فكر، أما غيري من الشعراء فإنهم يسهرون لأجلها ويتعبونَ وتنازعونَ في دقيق معانيها، وجودة مبانيها.
البيت التاسع:
يا مَن يعزّ علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيءٍ بعدكم عَدمُ
يا من يشتدّ علينا فراقهم، كل شيءٍ وجدناهُ بعدكم عدماً، يعني لا يخلفكم أحد ولا يكون لنا منكم بدل.
البيت العاشر:
ما كانَ أخلقنا مِنكم بتكرمةٍ لو أن أمركمُ مِن أمرنا أممُ
ما أجدرنا ببرّكم، وتكرمتكم، وإيثاركم، لو أن أمركم في الاعتقاد لنا على نحو أمرنا في الاعتقاد لكم، وما نحنُ عليه من الثقة بكم، بمعنى: لو كنتم تحبوننا، كما نحبكم، لكنتم تكرموننا.
البيت الحادي عشر:
إن كانَ سرّكمُ ما قالَ حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ المُ
إن سررتم بقول حاسدنا وطعنه فينا فقد رضينا بذلك إن كان لكم به سرور، فإنّ الجرح الذي يرضيكم لا نجد فيه ألماً.
البيت الثاني عشر:
وبيننا لو رعيتم ذاكَ معرفةٌ إنّ المعارفَ في أهلِ النُّهى ذممُ
يقول إن لم يجمعنا الحبّ فقد جمعتنا المعرفة، وأهل العقل يراعون حقّ المعرفة، فالمعارف عندهم عهود وذمم لا يضيعونها. أي: وبيننا وصائل معرفة، إن أحسنتم مراعاتها فلن تضيع.
البيت الثالث عشر:
كم تطلبونَ لنا عيباً فيعجزكم ويكرهُ الله ما تأتونَ والكرمُ
يقول تطلبون أن تلحقوا عيباً تعيبوننا به فيعجزكم وجوده، وهذا الذي تفعلونه مكروه عند الله وعند الكرام.
البيت الرابع عشر:
ليتَ الغمام الذي عندي صواعقُهُ يزيلُهُنّ إلى ما عِندهُ الدّيَمُ
الغمام: مفردها الغمامة، وهي السحابة.
الصواعق: جمع صاعقة، وهي النار التي تسقط من السماء رعدٌ شديد.
الديم: مفردها ديمة، وهي المطر يدوم في سكون من غير برقٍ أو رعد.
يعني بالغمام: سيف الدولة، وبالصواعق: ما يلحقه من الأذية منه، شبهها بالصواعق. وقصد الشاعر (بالغمام) سيف الدولة و(صواعقه) إيذاء سيف الدولة للشاعر، و(الديم) عطاء سيف الدولة عند غيره.
يقول: ليت الممدوح الذي يشبه الغمام – والذي تصيبني صواعقه (أذاهُ وسخطه) ويصيب غيري مطره (برّه ورضاهُ) – يزيل الأذى إلى ما عنده ذلك البرّ فينتصف الفريقان.
البيت الخامس عشر:
أرى النوى يقتضيني كل مرحلةٍ لا تستقلُّ بها الوخادةُ الرُّسُمُ
النوى: البعد.
يقتضيني: يطالبني ويكلّفني.
أي يكلفني البعد عنكم قطع كلّ مرحلةٍ لا تقوم بقطعها الإبل المسرعة، لبعد منالها، ولا تطيقها لشدّة أهوالها.
البيت السادس عشر:
لئن تركنَ ضميراً عن ميامننا ليحدُثنَّ لمن ودّعتُهُم نَدَمُ
ضُمير: جبل على يمين قاصد مصر من الشام. إن قصدتُ مصر ليحدثنّ لمن ودّعتهم ندم على مفارقتي لهم، وأسف على رحيلي عنهم، يشير بذلك إلى سيف الدولة أنه يندم على فراقه.
البيت السابع عشر:
إذا ترحلت عن قومٍ وقدر قدروا أن لا تُفارقهم فالراحلونَ همُ
إذا سرتَ عن قوم وهم قادرون على إكرامك حتى لا تحتاج إلى مفارقتهم فهم الذين اختاروا الارتحال. يريد بهذا: أنتم تختارون الفراق إذا ألجأتموني إليه. والمعنى: أنه يخاطب نفسه، ويشير إلى سيف الدولة، حتى لا يذمّه في رحيله، قائماً ذلك عن نفسه بحجته.
البيت الثامن عشر:
شرّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بِهِ وشرُّ ما يكسبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
إنّ شرّ البلاد مكان لا يوجد فيه صديق، وشرّ الأعمال ما يجلب لصاحبه العيب والمذمّة.
البيت التاسع عشر:
هذا عتابُكَ إلا أنّهُ مِقَةٌ قد ضثمّنَ الدّرَّ إلا أنّهُ كلِمُ
هذا الذي أتاك من الشعر عتابٌ مني إليك إلا أنه محبّة وودّ؛ لأن العتاب يجري بين المحبين، وهو درّ بحسن لفظه ونظمه إلا أنه كلمات، وإن أزعجتك فهي محبّة خالصة ومودّة صادقة.
القصيدة كاملة في الملفات المرفقة
إعداد : شبكة منهاجي التعليمية
02 / 06 / 2019
النقاشات